بقلم الدكتور: مولود احريطن
قبل أيام قليلة صرح السيد امحمد خداد ان بعثة الأمم المتحدة من اجل تنظيم الإستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو) لم تتقدم مليمترا واحدا نحو الهدف الذي تم إنشائها من أجله إلى حد الساعة ، تصريح كهذا من هكذا مسؤول و في مثل هذا الوقت بالذات يحمل دلالات و معان كبيرة و ينم عن خيبة أمل و امتعاظ أكبر لدى القيادة الصحراوية من الطريقة التي تعاطى و يتعاطى بها المجتمع الدولي مع ما يسمى بمخطط السلام في الصحراء الغربية ، و ذلك نظرا لأن :
اولا: السيد امحمد خداد هو المسؤول الصحراوي الوحيد الذي تولى و يتولى التنسيق مع بعثة المينورسو منذ نشأتها الي حد الساعة و هو على إطلاع تام بكل خبايا و تفاصيل عملها و كل ما يدور في كواليس مجلس الامن الدولي بخصوص ملف النزاع في الصحراء الغربية مما يعني أن هذا التصريح لم يأت من فراغ بل جاء نتيجة لعدم وجود أية أفق أو مبادرات لحلحلت النزاع على المدى القريب أو المتوسط.
ثانيا: أن السيد امحمد خداد يعد متزعم جناح الحمائم داخل القيادة الصحراوية ، وهو الجناح الذي ظل طوال السنوات الماضية يصر على الاستمرار في التشبث بمخطط السلام و مواصلة المفاوضات العبثية و يعارض بقوة اللجوء الي خيارات اخرى و في مقدمتها خيار العودة الي السلاح، و عندما يصدر عنه هكذا تصريح فذلك يعني أن الأمور قد وصلت الي طريق مسدود لا أمل في تجاوزه.
إذن و الحال هذه مثل هكذا تصريح يعد اعترافا صريحا ، و لو كان جد متأخرا، بعدم جدوائية نهج الاستمرار في التعويل على حل عادل للنزاع يأتي عبر بوابة الأمم المتحدة ممن ظل يدافع طوال ربع قرن عن ضرورة الاستمرار في التمسك بوهم الحل السلمي، و السؤال المنطقي الذي يتبادر الي الأذهان الآن هو، إذا كانت المينورسو خلال أكثر من ربع قرن لم تتقدم مليمترا واحدا على طريق إنجاز الهدف الذي جاءت من أجله، فكم من الوقت سيلزمها للوصول الي نفس الهدف؟ وكم من الوقت علينا الانتظار أكثر حتى يتحقق ذلك؟!!! لربما، و الله اعلم ، علينا الانتظار قرن أو يزيد !!!!
على كل التصريح المذكور قد يكون بداية لتوجه جديد من طرف القيادة الصحراوية نحو البحث عن بدائل و استراتيجيات مختلفة للتعاطي مع الأمم المتحدة في إطار البحث عن حل يستجيب لتطلعات شعبنا في الخلاص من الاحتلال و استرجاع أرضه المحتلة و هو ما نأمله ، خاصة بعدما ثبت بشكل لا يدع مجالا للشك أن الاستمرار في المراهنة على تنظيم الإستفتاء هو نوع من تسويق الوهم للقاعدة الشعبية و السعي وراء سراب سلاما لن يأتي ابدا، في ظل سعي نظام المخزن و فرنسا من ورائه إلى إقناع المجتمع الدولي باستحالة تنظيم الإستفتاء و ضرورة البحث عن بديل اخر لتقرير المصير في إطار سياسة الهروب الي الامام و محاولة القفز على مقتضيات الشرعية الدولية.
أن كل الذين لا زالوا يراهنون على إمكانية تنظيم الإستفتاء أو يعولون على احتمال حدوث تغير في الموقف الفرنسي تجاه النزاع ،إنما يعملون على إطالة معاناة شعبنا و يتجاهلون آلامه و يحاولون إلا بقاء على الوضع القائم لأنه يخدم مصالحهم الشخصية الضيقة بشكل أو بآخر ، و بالتالي فهم لا يتمتعون بذرة احساس بالمسؤولية تجاه هذا الشعب العظيم الصبور المعطاء الذي منحهم كل الثقة ووضع مصيره بين أيديهم.
و كما أكد السيد امحمد خداد فإن المغرب صار يتصرف وكأنه عضو في مجلس الأمن بسبب الموقف الفرنسي المنحاز و الداعم الأطروحاته بشكل يوحي بملكيتها أكثر من الملك نفسه ، مما يعني أن حدوث اي تحول او تبدل في ذلك الموقف يتطلب وقوع تغير جذري في معطيات النزاع أو حصول معجزة حقيقية!!!!!
و بما أن زمن المعجزات قد ولى فالأمر الوحيد المتاح هو حصول تغير جذري في معطيات الصراع ، هذا التغير إن كان سيحصل فنحن هم المطالبون بإحداثه لأننا نحن من يعاني من التشريد في المنفى و من التنكيل و السجون و كل انواع الانتهاكات في الجزء المحتل من أرضنا، و نحن من تنهب و تسرق خيراته جهارا نهارا على مرأى و مسمع المجتمع الدولي دون أن يحرك ساكنا، فأي معنى لإحترام من لا يحترمنا و لا يكترث لمعاناتنا وآلامنا التي امتدت طيلة قرابة نصف قرن من الزمن و لا زالت مستمرة دون أن تحز في نفس احد و الكل همه الوحيد هو البحث عن مصالحهم على حساب عرق و دموع و دماء شعبنا.
أعلنها و أقولها بكل صراحة ، لا خير في قيادة لا تضع مصالح شعبها فوق كل الاعتبارات، و لا خير في قيادة لا تدافع عن كرامة أبنائها بكل الوسائل مهما كانت النتائج و التضحيات، و لا ضمير و لا كرامة و لا غيرة لرجال تسحلوا أمهاتهم و أخواتهم في الشوارع و يتم تجريدهن من ملابسهن و هتك أعراضهن في واضح النهار و لايحركون ساكنا، و لا مصداقية و لا احترام لقيادة يحكم على أبناء شعبها باقسى و أشد الأحكام ظلما و جورا – فقط لأنهم جاهروا بحبهم لوطنهم و تشبثهم بتطهيره من دنس الغزاة – و كلما ما تملك حيال ذلك هو الإدانة و التنديد و الشكوى لمجلس الغبن الدولي.
اعتقد انه قد حان الوقت الإجراء مراجعة عميقة لكل خططنا وإستراتيجياتنا السابقة الخاصة بالتعاطي مع الأمم المتحدة و مجلس الأمن الدولي و اتخاذ قرارات جريئة لتحريك المياه الراكضة و وضع حد لحالة الجمود و الانسداد التي يعرفها مسار التسوية حتى و لو تطلب الأمر منا الذهاب الي ابعد الحدود و إلا فإنه سيكون علينا الانتظار قرن آخر حتى تحدث المعجزة أو ينزل الله حلا من السماء.